تصينف وتوزيع الخدمات الترويحية

مقدمة :
اصبح الترويح والترويح ذا اهمية متزايدة في الوقت الحاضر ، خصوصاً من وجهة نظر الاكاديميين ومخططي استخدامات الارض ، بل وعامة الناس في مختلف بدان العالم , ولا ريب ان دول العالم على تباين درجات تطورها الاقتصادي ، تشهد نمواً سريعاً في الانشطة الترويحية التي يمكن ارجاعها إلى التزايد المتسارع في الدخل الفردي ومستويات الحركات السكانية وتوفر اوقات الفراغ نتيجة للتطورات التكنولوجية الهائلة في وسائل الانتاج والاتصـال والانتقال (Wolmsley & Lewis 1384 )1 . ان الترويح يمكن اعتباره احد اهم الوظائف التي تقدمها المدن الحديثة ، علي الرغم من ان بعض اشكال وخدمات الترويح كانت متاحة في المدن القديمة إلا انها كانت على نطاق ضيق إلى حد ما .
وينظر إلى الخدمات الترويجية باعتبارها تطوراً ملحوظاً في الوظائف التي تختص بها المدن . يشير ( حمدان 1972)2 إلى ظهور الوظيفة الترويحية للمدن ربما يكون تعويضاً للانسان عن افتقاده للريف وما يزخر به من مجالات الترويح ، كما ان الترويح إذا ضرورياً لتحقيق التوافق مع الآثار الاجتماعية الناجمة عن ضغط ومشاكل الحياة في المدن الكبرى .
ولا شك ان هناك ارتباطاً واضحاً بين تشعيب وظائف المدن الحديثة ومدى تطورها العمراني والسكاني ، وتطور هذه الوظائف هو في الواقع انعكاس لنوعية ومدى تطور المدن عمرانياً وسكانياً .
ومن المسلم به ان الترويح عنصر له اهمية بالغة في حياة الانسان بحيث انه يأتي في مرتبة تالية للغذاء والتعليم ، لذا فانه يستحق درجة جيدة من العناية به ودراسته ، وبحث السبل الكفيلة بتطوره ، خدمة للانسان ودفعاً له لبذل مزيد من الجهد وبالتالي دفع انتاجيته التي تساهم بدورها في تطور المجتمع ككل .
لقد شهدت مدن المملكة العربية السعودية تطوراً هائلاً منذ بداية السبعينات الميلادية من هذا القرن. هذا التطور كان مخططاً له ضمن اطارات التنمية الشاملة التي انجزتها البلاد خلال العشرين عاماً الماضية ونظراً للمكانة الاستراتيجية لمدينة جدة فانها شهدت تجربة حضارية فريدة اضفت على المدينة تغييرات عمرانية وسكانية واجتماعية واقتصادية هائلة وفي فترة زمنية قصيرة .
وهكذا تحولت جدة إلى مدينة كبيرة ذات وظائف ضخمة ، توفرها لسكانها الذين تزايد اعدادهم إلى حوالي 1.5 مليون نسمة فيما بلغت المساحة المبنية للمدينة حوالي 400كيلو متر مربع3 وكنتيجة لهذه التحولات الهائلة التي شهدتها جدة كان لا بد من ظهور مشكلات متعددة عملت الدولة باستمرار على حلها .
وتعاني مدينة جدة حالياً من عدم توفر بعض الخدمات الترويحية في مناطق معينة فيها ، وتركز بعض هذه الخدمات في مناطق اخرى .
وعلى سبيل المثال ، فإن اكتظاظ طرق المواصلات المؤدية إلى منطقة كورنيش جدة الشمالي في فترة نهاية الاسبوع ، وتزاحم المرتادين على المنشآت الترويجية الموجودة في هذه المنطقة ، يظهر الحاجة إلى انماط افضل للتوزيع الجغرافي لهذه الخدمات بالمدينة . ولا شك ان اعادة النظر في هذا التوزيع ليست مسئولية الجهات الحكومية بالدرجة الاولى ولكنها مسئولية القطاع الخاص الذي يقوم بالدور الاساسي في انشاء هذه المؤسسات الحضارية الهامة .
ونظراً لاهمية التوزيع الجغرافي للخدمات الترويحية بمدينة جدة مع امتدادها وتطورها العمراني والسكاني ، وندرة الدراسات المقدمة عن جدة في هذا المجال ظهرت الحاجة إلى التعرف على الانماط الحقيقية لتوزيع هذه الخدمات بالمدينة التي شهدت ، كما ذكرنا تطوراً هائلاً في مختلف المجالات بما فيها المجال الترويحي .
إلا انه لوحظ ان التوزيع الجغرافي لهذه الخدمات لا ينسجم مع نطاقات الكثافة السكانية المتباينة الدرجات .
ولكي ندرس ـ بتجرد ـ توزيع وانواع الخدمات الترويحية بمدينة جدة ، في ظل التغيير الكبير والمستمر الذي تشهده هذه المدينة وبمعدلات قياسية ولتحقيق هذا الهدف فقد تم اختيار اسلوب المسح الميداني لحصر الخدمات الترويحية بالمدينة والتعرف على خصائصها المختلفة ، وبالتالي تصنيفها في اطار مجموعات محددة
ونظراً لضآلة المعلومات الدقيقة عن معظم المنشآت الترويحية بمدينة جدة فقد تم توزيع استبيان خاص يتضمن معلومات عن فلسفة الترويح التي تسير عليها هذه المرافق ، وبرامجها واهدافها وتنظيمها الاداري ، وانواع العضوية المتاحة للمستخدمين وما يملكه من تسهيلات مختلفة .
ومن ناحية ثانية فقد تم استخدام المعلومات التي تم الحصول عليها ميدانياً في اعداد خرائظ لمدينة جدة تظهر التوزيع الجغرافي لكل نوع من الخدمات الترويحيه بها ، كالاندية الرياضية ، الخاصة والعامة اضافة إلى المنتزهات وملاهي الاطفال وغيرها .
وفي اطار وسيلة البحث المستخدمة في هذه الدراسة " تحليل الجار الاقرب" فقد امكن ومن واقع الخرائط المستخرجة الحصول على المسافات النسبية بين كل منشآة ترويحية وبقية المنشآت المماثلة على حدة ، ثم تكرر ذلك بالنسبة لبقية المنشآت .

مشكور على المجهود