الميثاق الدولي لوقت الفراغ عمره 44عامًا وأدرج في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.. التعامل الفعال مع الضغط النفسي يبدأ بالإدارة السليمة للوقت.. وحسن استغلال أوقات الفراغ يصب في صالح الأمن القومي
اتفقت ست عشرة منظمة دولية خلال وضعها (الميثاق الدولي للفراغ)، الذي أقر في العام 1970، على تعريف وقت الفراغ بأنه ذلك الوقت الذي يكون للفرد فيه حرية التصرف كاملا، بعد انتهائه من عمله ومسئولياته تجاه الأنشطة الأساسية في حياته، إذ يصبح حرا من العمل والواجبات الأخرى فيمكنه استثمار هذا الوقت في الاسترخاء والتسلية والتكوين الاجتماعي والنمو الشخصي.
وتعد إدارة الوقت بفعالية أحد أحجار الزوايا في التعامل الفعال مع الضغط النفسي، من خلال تخصيص بضع دقائق للحفاظ على التوازن النفسي عبر الاسترخاء وممارسة الرياضة أو الهوايات المختلفة باعتبار أن ذلك يمكن أن يخفف من الضغوط التي يتعرض لها الإنسان.
ووقت الفراغ بات مشكلة يعاني منها المجتمع الدولي بأكمله، حيث يعد الاهتمام باستغلاله، موضوعا يتعلق بالأمن القومي لكل مجتمع، وهو مشكلة أغلب البشر، إما لطوله والعجز عن معرفة الطريقة المثلى لاستغلاله والاستفادة منه، أو لضيقه وتعذره عن الوفاء بكل المتطلبات الواجب أداؤها فيه.
وتنبه العالم لأهمية استغلال وقت الفراغ، وبدأت مطالبات للاهتمام به من هنا وهناك باعتباره الحصن النفسي للإنسان، فتم إدراج وقت الفراغ ضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ثم تم وضع ميثاق خاص لوقت الفراغ
ميثاق الفراغ الدولي مكون من سبع مواد تكفل لكل إنسان الحق في أن يكون له وقت حر يستمتع به، مستخدما المنشآت التي تهيىء له سبل ممارسة الأنشطة الترويحية، وأن تكون مهمة الهيئات المسئولة هي العمل على توفير الإمكانات لممارسة الأنشطة، ولتعلم واكتساب المهارات الترويحية حتى يتمكن كل فرد من استثمار وقت فراغه.
وتنص المادة الأولى على أن لكل إنسان الحق في أن يكون له وقت حر ويتضمن هذا الحق تحديد عدد ساعات عمله ومنحه أجازة منظمة مدفوعة الأجر، وتتضمن المادة الثانية على أحقية الفرد في الاستمتاع بوقت الفراغ بحرية تامة ويعتبر حقا مطلقا يجب حمايته، فيما تنص المادة الثالثة على أن لكل فرد الحق في استخدام منشآت أوقات الفراغ المخصصة للجميع.
وتؤكد المادة الرابعة على حق كل فرد أن تهيأ له سبل ممارسة الأنشطة الترويحية في أوقات فراغه، فيما أكدت المادة الخامسة على ضرورة أن تكون مهمة الهيئات المسئولة من مخططين ومهندسين وهيئات خاصة، العمل على توفير الإمكانات اللازمة لممارسة الأنشطة الترويحية، وتكفل المادة السادسة حق كل فرد في تعليم واكتساب المهارات الترويحية حتى يتمكن من استثمار وقت فراغه، فيما تقر المادة السابعة أن مسئولية التربية لأوقات الفراغ لا تزال موزعة على مجموعة من المؤسسات والهيئات.
ومن هنا تأتي مسئولية الدول في استغلال وقت الفراغ وتهيئة الأماكن الخاصة بذلك مثل الساحات والمراكز الرياضية الحكومية والخاصة، وفتح أبواب النوادي الرياضية للاشتراك لكافة المواطنين، إضافة إلى فتح المنشآت الرياضية والمكتبات العامة للمواطنين وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في مجال الترويح؛ لاستغلال وقت فراغ المواطنين بمختلف الشرائح العمرية للحد من الجريمة وزيادة الإنتاج الوطني.
إن قياس تقدم المجتمعات يعكسه تصور الأفراد لقيمة الوقت، فما يقومون به من أجل السيطرة عليه يعكس الإطار الثقافي لهذا المجتمع، والوقت من حيث هو قيمة يمكن تنظيمه والسيطرة عليه بدرجات مختلفة وتظهر قيمته في أي مجتمع من المجتمعات من خلال ما يمارسه أفراد المجتمع من نشاط ومدى قدرتهم على الاستفادة منه بشكل عام وأوقات الفراغ بشكل خاص.
عرف الإنسان وقت الفراغ في جميع العصور وفي ظل حضارات مختلفة، إلا أن القليلين هم الذين تمتعوا بهذا الوقت وأدركوا أهميته وأحسنوا استخدامه، وترى بعض المجتمعات أن الوقت من ذهب وترى مجتمعات أخرى أنه تسلية وربما يرى فريق ثالث أنه تأمل، وفي داخل الثقافة الواحدة نجد اختلاف في تقدير قيمة الوقت، ففي المجتمع الحضري تزداد قيمته، فيما قد لا نجد له قيمة في المجتمعات البدائية، وتتغير قيمة الوقت في المجتمع الواحد بتغير الزمان فقد تزداد القيمة بتطور المجتمع وانتقاله من مرحلة حضارية إلى مرحلة أخرى
مستعار من صحيفه البوابه